عرض المقال
تشيع السياحة وتشييعها
2013-04-10 الأربعاء
كيف نريد ونطمح إلى أن نكون دولة سياحية متفوقة ونحن نفتش فى ضمائر السياح وعقائدهم ونعقد لهم محاكم تفتيش؟! امنع رحلات السياحة الإيرانية؛ لأنهم سيشيّعون البلد، ونتناسى أن هناك من يريد تشييعها من أبنائها الإخوان السُنة، ولكن إلى مثواها الأخير! شيطنة الشيعة التى انتشرت فى مصر وكأنهم «دراكولات» مجنحة هبطت على أرض المحروسة لتمتص دم أبنائها وتحقن نخاعهم بفيروس الشيعة! السياح والسائحات لازم يلبسوا على مزاجنا، تقاليدنا، أخلاقنا، اوعى التقاليد، حاسب الأخلاق، السائح يا سادة يأتى إلى مصر لكى يستمتع ببحرها ومناخها، لا لكى يتعلم الفقه أو يدرس علوم الحديث، السياحة تتناقض مع الحِشرية وفضول التدخل والرغبة الحارقة فى هداية الآخرين التى صارت وسواساً ملحاً يسكن تلافيف دماغنا، انت مالك بعقيدة ودين السائح؟ شيعى بوذى هندوسى ملحد، انت مالك برضه؟ حتى لو جاى أبوسمبل وفى دماغه يعبد الشمس وهى تشرق على رمسيس مالكش دعوة، لماذا الإحساس الدفين بأن دينك وعقيدتك فى خطر وفى منتهى الهشاشة شوية سياح أو مجموعة زائرين سيكسرونهما ويدمرونهما ويقضون عليهما؟! لماذا انعدام الثقة فى نفسك وفى قوة دينك ورأيك وفكرك؟ نجاح السياحة مرتبط بأن تفتح مسامك الإنسانية لاستقبال كل ألوان وأطياف الفكر الإنسانى فى كل الدنيا، الحل فى تقوية جهاز مناعتك وليس فى مطالبة الآخرين بتفصيل أنفسهم وأفكارهم على مقاسك! هل السعودية أكثر عملية وبراجماتية من مصر لكى تستقبل مليون معتمر إيرانى سنوياً؟ هل نحن كمصريين ملكيون أكثر من الملك والمملكة؟! هل السائح جاى عندك ليتعلم الأدب وتدخله الكتاب وتمده على رجليه بالفلكة؟ فى النهاية سيقول لسيادتك: بلاها مصر وبناقص البلد النكد دى، ما هذه «الشيعهفوبيا» التى انتشرت فى مصر كأنفلونزا الطيور؟ ماسورة كراهية الشيعة انفجرت فجأة وكأنهم سبب كل بلاوينا من أزمة السولار إلى أزمة ماذا يفعل القرداتى بعد موت القرد! أخبرنى صديقى بأن مدرس الفصل لقّن ابنه فى «تالتة إعدادى» أن الشيعة كفرة وأنهم أخطر من اليهود وأنهم لا بد أن يُجتثوا من على وجه الأرض! ومن الدعبسة والتفتيش فى نوايا الشيعة إلى التفتيش على طول فساتين السائحات ومنع المايوهات وتنقيب البوذيات وشم أفواه السياح ومراقبة تليفوناتهم لمنع المكالمات الغرامية التى ستفسد علينا أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا وأنتم بالطبع تعرفون أننا شعب متدين بالفطرة، لا تحرش عندنا ولا سرقة ولا قتل ولا سحل ولا تثبيت! نحن ندفع فاتورة خلافات من ألف وخمسميت سنة ما بين أتباع معاوية بن أبى سفيان وأتباع على بن أبى طالب، يدفعها المرشد السياحى الذى يتسول ومالك الفندق الذى ينتظر السجن بعد ضياع مدخراته فى بناء أطلال تنعى من بناها، يدفع الفاتورة شعب لا ناقة له ولا جمل فى خلافات مذهبية تبادل فيها الطرفان الشتيمة والسب وقطع الرؤوس وبحار الدم، تبادل الفريقان السباب والشتائم فهل نرث نحن كل هذا التراث ونتحمل تبعاته؟ نحن فى القرن الحادى والعشرين الميلادى ولسنا فى زمن الأمويين الذين كانوا يسبون عليّاً وأهل بيته من على المنابر ولا فى زمن العباسيين الذين كانوا يسبون الصحابة، أخطاء تاريخية لا ذنب لنا فيها ونريد أن نبدأ حياتنا وننهض باقتصادنا لا أن نغرق فى جدل سوفسطائى عقيم، وهذا لن يتم إلا إذا تعاملنا مع الناس والبشر والضيوف والعالم على أنهم بنى آدمين طبيعيين لا «شياطين متآمرين».